مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك
و تدخل منتدى ملتقى ابناء الدويم معنا. إن لم يكن لديك حساب
بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتدى الدويم
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك
و تدخل منتدى ملتقى ابناء الدويم معنا. إن لم يكن لديك حساب
بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتدى الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى اجتماعي ثقافي
الدخول
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم إذا كانت هذه زيارتك الأولى لمنتدى الدويم يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا ، أما إذا كنت أحد أعضاءنا الكرام فتفضل بتسجيل الدخول بالضغط هنا . لو رغبت بقراءة المواضيع و لإطلاع فقط فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
موضوع: الجمال بين الطبيعة والفن الإثنين أبريل 12, 2010 2:55 pm
الجمال بين الطبيعة والفن
لقد أرق الجمال كمصطلح أجرائي ومفهوم انتقائي لمحصلة القيم الحسية الراقية لدى الإنسان الدارسين والفلاسفة المهتمين بعلم الجمال عبر مسار التاريخ الإنساني
ولأن الجمال إدراك ووعي يستحلي الحياة في صورها الثلاث، وهي :العاطفة، والعقل، والإدراك وما ينطوي عليه هذه الصور من توازن وتناسق وتناغم وانسجام فانه يظل نسبيا قابل الاستجابة لمؤشرات القوة والضعف على مستوى التلقي والاستقطاب الوجداني .
الجمال فيض من الأحاسيس التي تداهمنا فجأة,فتغمرنا في مساحة قلبية من الدهشة والانبهار تجعلنا عاجزين عن تفسير كنه الإحساس الذي داخلنا فجأة,ولعل أكثر الناس اكتشافا وتمثلا لتلك اللحظة الأديب.
فالأديب يعيش تلك اللحظة الممهورة بتلقي الحس الجمالي في إبداعه,فيعيشها بكيانه ووجدانه,تترمم أجزاؤها تدريجيا لتصير إلى عمل إبداعي لا يتحقق إلا بجهد أشبه ما يكون بجهد الصوفي في التدرج نحو المعرفة [1]
ويتجلى هذا الجهد في استجماع الأديب المبدع لأطراف تلك اللحظة المترتبة عن تلقي تجربة ,تأتيه من الخارج ,أو تتساوق مع انفعاله آتية من الداخل,على هذا النحو نشير إلى أن المتلقي لا يستمتع بوقع القصيدة صورا وتراكيب إلا حين يعي مدلولات شبكاتها الصورية وما تحمله مختلف الأنسجة اللغوية من معان وأبعاد.
فالنظر إلى الطبيعة يتطلب الوعي العميق بالحقائق الجوهرية والمعايير الجمالية الكامنة فيها، أما أن ننظر إليها نظرة سطحية فإن ذلك لا بحدث الأثر في النفس، فالأثر يحدث اثر أستكناه الحقائق الجوهرية الخافية عن الأبصار، ولعل الفنان الإسباني “بيكاسو” كان يقصد هذا المعنى حين رغب عن الاهتمام بالوجه المقابل له، ورغب في التطلع إلى الوجه الآخر الخفي عن بصره، وهو الوجه الذي يشعر بوهجه الفنان ولا يراه.
فالجمال ظاهرة واحدة سواء أكان في الطبيعة أم في الفن يبقى فقط كما يشير “كانط” أن الجمال الطبيعي هو شيء جميل، أما الجمال الفني فانه تصوير جميل لشيء ما سواء أكان هذا الشيء جميلا أم قبيحا.
فالجمال إذا يرتبط بالشكل ، وبالطريقة التي تشكل العمل الفني وليس بالموضوع ,لذلك نلحظ أن نجاح الأعمال الأدبية لا يتوقف على ركوب الموضوعات الكبرى أو انتقاء ما يشكل طابوها ردة فعل من قبل القراء ,أو يعنى باهتمام المتلقين,إنما يتوقف نجاح هذه الأعمال على طريقة عرضها وكيفية بنائها,فجمال النصوص الإبداعية يكمن إذن في جمالية الشكل الذي تعرض من خلاله,….
ولعله الداعي الأساسي الذي أوحى “لوليام جيمس” عندما تعرض لتعريف العبقرية بقوله :”إنها القدرة على إدراك كل شئ بطريقة مغايرة تماما لما درجت عليه العادة المألوفة فهو إضافة إلى كونه يشير إلى عنصر الجدة في المضامين فانه ضمنيا يقصد الجدة والابتكار في الأشكال.
كما أن العمل الإبداعي الجيد ليس هو العمل الذي ينقل صور طبيعية تنطوي على جمال، فالجمال الفني ليس هو الجمال الطبيعي كما أسلفت، بل يمكن القول أنه كلما زاد قبح الموجود في الطبيعة زاد جماله في الفن، إلا إذا خلا من الطابع أو الشخصية.
فوجه الميت في برودته مثلا وصفرته، وذهاب ماء الحياة منه يثير شيئا من التقزز والتأثر الذي قد يقلل من حدة التعلق بالحياة خصوصا إذا كان الميت من الأباعد.
إما صورة وجه الميت في اللوحة الفنية أو في شكل إبداعي آخر فانه يثير فينا الإحساس بروعة الدقة الفنية,فالجمال الفني إذا هو التوفيق في التعبير عن روح الموضوع وحقيقته، فالقبيح في الفن أو في العمل الإبداعي هو ماخلا من الانسجام، ووقف منه موقفا سلبيا.
فإذا أضاف الفنان التشكيلي مثلا اللون الأخضر إلى الربيع والأصفر إلى جدائل الشمس والقرمزي إلى الشقق والضياء إلى القمر فانه لن يفلح في إخراج صورة فنية ناجحة بقدر ما يشوه الطبيعة ويسئ إلى أصالتها.فعلى الفنان التشكيلي وجوب اختيار الألوان، والظلال والأبعاد، والأشكال وغير ذلك. وعلى الأديب ضرورة انتقاء الكلمات التي تنبض بالحياة وتفور بالصدق وتمتلئ بالفيض والتجلي.
فالقصيدة لا تروق السامع، ولا تدهش المتلقي إلا إذا انطوت على تشكيل لغوي مشحون بالدلالة والاتحاد الذي يحيل في بساطته وتشابكه الى معان جديدة وظلال غير مألوفة من الأحاسيس العميقة بالأشياء في تنافرها، وتآلفها، وتناغم تراكيب اللغة في اتساقها وتفجرها.
إذ لم تعد القصيدة شكلا من أشكال الوصف بالصورة التقليدية كالتشبيهات والاستعارات، إنما غدت تصويرا تفتيتيا وتركيبيا للشحنات الوجدانية المستمدة من عمق التأمل وطول التجربة مع ترويض اللغة والنغم، وطريقة التصوير فالخلق الشعري ليس إبداعا صرفا، ولا هو تقليد بحث إنما هو حسب تصوري استحضار فني لموروث جميل يشكل أو يصاغ في أراء مغاير للمألوف أو المعتاد.
إذ الإبداع من عدم صفة إلهية أما الإبداع من موجود فصفة إنسانية خليقة بأهل الفن و الإبداع فحسب .
أعود فأقول أن الأثر الفني الذي يمكن أن يتواصل مع المتلقي إلى حين، هو الأثر الذي يجمع بين الطبيعة والحياة، فحضور بعض مظاهر الطبيعة في العمل الإبداعي ملمح من ملامح السمة الواقعية في طابعها الإنساني للأثر لكنه ليس صورة طبق الأصل لهذا الواقع أو ذاك.
إذ الصورة الفنية هي أجزاء مستمدة من الطبيعة كما هي لكن ليس في صورتها المتكاملة، إنما هي مستمدة في تجزئتها وتوفرها على عناصر الانسجام والإيقاع والتناظر والتناغم بين هذه الأجزاء المتنافرة.
فالعمل الإبداعي ليس مجرد ألفاظ قارعة فارغة، أو مجرد أشكال متعسف في إنشائها، أو مجرد ألوان خاوية من أي مدلول أو مجرد أصوات موزعة كيفما اتفق في الهواء بل هو في جوهره تعبير شفاف عن الروح البشرية, فالطير لا يغني حين يغني استجابة لغريزة الغناء فحسب، إنما حين يغرد يعبر عن حياته كلها وعن سر وجوده برمته.
ولذلك على الأديب أن يكون إنسانا أولا، ثم أديبا ثانيا والأديب لا يصير أديبا إلا إذا سكنه إنسان في مستوى مدلول هذه الكلمة، يعرف كيف يشيع السعادة الإنسانية في الآخرين باكتشاف ذواتهم وما يكتنف حياتهم من غموض.
فالمتلقي أمام الأثر الإبداعي الجيد يقف موقف المنبهر لآيات الجمال وسر الخلق أشبه ما يكون في هذه الحالة صبيا غريرا ولد ونشأ في كهف, ولم ير النور في حياته، وعندما غادر لأول المرة الكهف ورأى ما رأى من مفاتن الجمال في الكون وبهره الضياء، لم يدرك حقيقة ما داخله من إحساس جديد وباهر غير كونه قد افتتن افتتانا عظيما وهزته دهشة الاكتشاف هزا عميقا.
إن المتلقي أمام عبقرية الأثر الإبداعي يقف موقف هذا الصبي يحس بتغلغل أثر الجمال في كيانه وجدانه لكنه لا يبحث عن تفسيره,وحتى إذا طلب تفسيرا لتلك الأحاسيس المدهشة لم يجد لها جوابا شافيا .
لأننا في حضرة الآثار الإبداعية الخالدة نصاب بعدوى الإحساس أكثر مما يصاب بها المبدع نفسه من تحسس سحر الجمال وهو صانعه. الموضوع الأصلي : الجمال بين الطبيعة والفن المصدر : منتدى الدويم